إذا قلت لي الآن إنك تريد إنشاء شركة فضاء ولا تملك سوى مئة دينار ، فلن أقول إن ذلك مستحيل. وإن قلت إنك تريد تصنيع هواتف ذكية وإقامة مصنع في بلد لا يشجع على الصناعة وتعاني فيه الشركات الصغيرة، فلن أثبطك أيضًا. قد تظن أنني أبيع الأوهام، لكني في الحقيقة أقدّم لك أول خطوة واقعية. يمكنك أن تبدأ بموقع بسيط أو مدونة تتحدث فيها عن الفضاء، تشارك المعرفة وتبني جمهورك تدريجيًا، وهذه الخطوة الأولى تكلفتها لا تتجاوز المئة دينار التي تملكها.

الفكرة أن كل مشروع كبير يمكن تبسيطه ليبدأ من نطاق صغير يتناسب مع قدراتك وظروفك، ثم يتطور خطوة بخطوة، بشرط أن تمتلك الرؤية والعلم والإيمان بفكرتك. لكن تمهّل، لا تدع الحماس المفرط يوقعك في فخ الاندفاع، فلكل طريق قواعده، وإذا لم تفهمها ستُرهق نفسك وتفقد الدافع وربما تُفلس.

في هذا الكتاب سأشاركك كيف يمكن للإنسان أن يبدع في بيئة تُحبط الإبداع، وكيف يمكن أن ينشئ مشروعًا في أصعب الظروف دون تمويل. سأحكي تجاربي في مجالات مثل تسويق التطبيقات، والتجارة الإلكترونية، والتسويق الرقمي، وإنتاج مواد ومنتجات فلاحية واجهت فيها تحديات أكبر من تلك التي واجهتها في المنتجات الرقمية.

بعض هذه المشاريع نجح، وبعضها فشل، وبعضها حقق نجاحًا باهرًا، وبعضها فشل فشلًا ذريعًا، لكن كل تجربة كانت درسًا. الفشل الحقيقي ليس في عدم البيع، بل في عدم التعلم. وأحيانًا يكون الفشل استراتيجيًا رغم جودة المنتج واهتمام المستخدمين، لأنك استخدمت قواعد لعبة لا تناسب بيئتك.

القوانين في البلدان النامية تختلف عن تلك الموجودة في البلدان المتقدمة. النجاح ليس سهلًا في أي مكان، لكنه يصبح أصعب حين تواجه البيروقراطية، ونقص التمويل، وضعف الثقة في المشاريع الناشئة، والانغلاق الاقتصادي الذي يحد من التوسع.

الهدف من هذا الكتاب أن أشاركك طريقة التفكير التي تحتاجها لتنجح، واستراتيجيات التسويق الإلكتروني والتجارة الإلكترونية، وكيف تنشئ مصنعًا وتديره، أو تطلق تطبيقًا وتنجح في تسويقه. أريد أن أريك كيف تكون محاربًا ومبدعًا في الوقت نفسه، وكيف تفرض وجودك رغم من يحاولون دفعك إلى الهجرة. نريدك أن تكون البذرة التي تنبت في قلب الصحراء.